“قرار مؤلم لكنني اخترته، هل سأتخلى عن بقية عقدي مع الميلان؟ (مستحقاته) نعم .. لأن قصّتي مع الميلان لا يمكن أبدًا أن تكون مسألة مال “
كلاعب ناشئ، وكلاعب محارب.. ثم الخبير، والقائد والبطل، حتى وصوله كمدرب، العاطفة غمرت جاتوزو في ميلان لسنواتٍ طويلة.. اخطأ في لحظات، لكنه كان دائمًا مُحبًّا لميلان، حاول جاهدًا ولم يُوفَّق للوصول للأبطال.. وكان سيخرج على أيَّةٍ حال لكنه كان يُريدها من الباب الكبير.
عندما تتم الاستعانة بمُدرب كان لاعبًا بالنادي من قبل فاعلم أن الأمور لا تُبشر بالخير في ميلانو. فتجارب سيدورف وإنزاجي لا تزال تطُارد كُل من يحاول أن يدعم موقف جاتوزو في مهمته الانتحارية في منع الميلان من الغرق. البعض يُبالغ ويرى أن لاعب الكُرة العظيم بشكل عام لن يصبح على الأغلب مُدربًا جيدًا حتى والأمثلة كثيرة وأشهرها مارادونا، ولكن عمليًا لا شيء يمنع اللاعب الكبير أن يُصبح مُدربًا على نفس القدر من العظمة.
“هناك وظيفتان مختلفتان كليًا، أن تكون لاعبًا جيدًا في مسيرتك هذا يساعدك كمدرب، لكن وظيفة المدرب ذاتها أكثر تعقيدًا، لم أعد طالبًا الآن، دوري قد حان لكي أُعلم”. جاتوزو عن اختياره أن يُصبح مُدربًا.
جينارو جاتوزو تم تصعيده من البريمافيرا (ناشئين ميلان) لقيادة ميلان كمدرب مؤقت خلفاً لفينشينزو مونتيلا قبل 18 شهر لإنقاذ ميلان من الموسم الكارثي، فاز وتحسن ميلان كثيراً حتى تم تثبيته من قبل الإدارة الصينية السابقة بعقد حتى 2021.. أنهى جاتوزو الموسم مع ميلان في المركز السادس ليتأهل إلى الدوري الأوروبي وخسر نهائي كوبا إيطاليا برباعية نظيفة أمام يوفنتوس.
الصيف الماضي كان ساخن في الميلانيللو حيث رحل الصينيين عن ميلان وبدأ عهد جديد في ميلان عن طريق إيليوت (صندوق أمريكي). صيف من الإشاعات على مستقبل جاتوزو تحت قيادة الأمريكان وتفضيلهم مدرب خبرة أكثر من جاتوزو حتى أكدوا ثقتهم رسمياً وبدأ جاتوزو الموسم مع ميلان.
موسم من التخبطات، الانتصارات، الإنكسرات والإصابات حتى أقترب ميلان من تحقيق حلم جاء من أجله جاتوزو وهو الصعود لدوري الأبطال، وصل للمركز الثالث وبدأت جماهير ميلان بالحلم بنشيد دوري الأبطال في ملعب سان سيرو حتى بدأ الانهيار بالتحديد يوم السابع عشر من مارس الماضي في ديربي ديلا مادونينا أمام إنتر ميلان.
خسر ميلان في الديربي واستمر نزيف النقاط حيث أنه لم يفز إلا في مباراة واحدة من أصل سبعة في تلك الفترة.. بالطبع استغل المنافسين الوضع السئ لميلان وقفز إنتر وأتالانتا للمركز الثالث والرابع، حاول ميلان في العودة لكنه لم يستطيع حتى بعد فوزه بآخر أربع مباريات وحقق المركز الخامس بفارق نقطة عن أتالانتا وإنتر.
في آخر شهرين ظهرت شائعات كثيرة في إيطاليا أن الإدارة قررت رحيل جاتوزو في نهاية الموسم مهما كانت نتائجه وجلب مدرب أفضل، جاتوزو مدرب شاب يتعلم في ميلان ويخطأ وينجح مثل غيره ولكن ميلان في هذه الفترة يحتاج مدرب أفضل.. من الممكن أن يعود جاتوزو في ظروف أفضل ويحقق ما كان يحلم به مع ميلان.
اشاعات كثيرة تحوم حول مستقبل ميلان وعن مشروع ميلان في الفترة القادمة والذي سيعتمد على الشباب، الشئ الذي أغضب ليوناردو، المدير الرياضي لميلان، ومعه جاتوزو الذي يرى أنه يفقد طموح الفريق في العودة للأمجاد.
رحل جاتوزو عن ميلان ورفض أن يستلم راتبه لمدة سنتين توفيراً لخزائن ميلان والتي تقدر بـ5،5 مليون يورو في الموسم أي 11 مليون يورو في سنتين.. تضحيات من أجل ميلان!
فشل جاتوزو كمدرب بالعودة لميلان كما عهدناه في الماضي، ولكن بكل تأكيد هي تجربة كانت تستحق أن نراها، فهو من أساطير ميلان الذي دافع عن ألوان الروسونيري أكثر من عشر سنين والمؤكد أنه ترك ميلان أفضل كثيراً عما كان قبل أن يقود السفينة.. شكراً جاتوزو.