اقترب نادي ليفبربول بشدة من التأهل إلى الدور نصف النهائي من دوري أبطال أوروبا بعد فوزه على مانشستر سيتي بثلاثية نظيفة في مباراة ذهاب ربع النهائي، حيث أحرز أهداف المباراة محمد صلاح، أليكس أوكسليد شامبرلين وساديو ماني، جاءت جميعها في الشوط الأول في مباراة شبه مثالية تكتيكياً لكتيبة الريدز بقيادة المدير الفني يورجن كلوب.
وعلى عكس توقعات الكثيرين للمباراة بأن تشهد وفرة من الأهداف من قبل الطرفين، إلا أن الأهداف جاءت من طرف أصحاب الأرض فقط، وفشل الإسباني بيب جوارديولا في كبح جماح خط الهجوم الناري لفريق يورجن كلوب، بل وشهدت المباراة أيضاً تألقاً دفاعياً وتنظيمياً لليفربول في معظم أوقات اللقاء.
فما الأخطاء التي وقع فيها متصدر الدوري الإنجليزي وصاحب أقوى خط هجوم في البريميرليج (90 هدف)، وما الفرق بين تلك المباراة – العقيمة هجومياً لجوارديولا – والتي سبقتها في الدوري المحلي وانتهت (4-3) عندما تمكن السيتي من تقليص الفارق في الدقائق الأخيرة.
شهدت تشكيلة مانشستر سيتي بعض التغييرات الواضحة في طريقة اللعب وتمركز اللاعبين، حيث شارك إيمريك لابورت في مركز الظهير الأيسر بدلاً من فابيان ديلف للحد من خطورة صلاح الهجومية، كما شارك إيلكاي جوندوجان في مركز الجناح الأيمن على حساب رحيم ستيرلينج الذي شارك في الشوط الثاني.
وعلى الجانب الآخر لم تشهد طريقة لعب ليفربول أي تغيير تكتيكي على مستوى الضغط العالي الذي يتبعه الفريق دائماً أمام جميع الفرق، بل وبرع الدفاع الأحمر في غلق المساحات بين خطوط السيتي وساهمت أخطاء جوارديولا في ظهور ذلك بشكل رائع.
تشكيل الفريقيين وتقييم اللاعبين حسب موقع SofaScore
الشوط الأول – بداية المباراة (أخطاء بالجملة وعقم هجومي للسيتي)
بدأ جوارديولا على متحفظاً على غير عادته، مشركاً جوندوجان في مركز الجناح مع بعض المهام الدفاعية في وسط الملعب للسيطرة عليه والإعتماد على الإستحواذ الذي فشل فيه أيضاً، بدلاً من استخدام الهجوم كخير وسيلة للدفاع كما فعل كلوب ونجح في ذلك في المبارتين الأخيرتين.
وظهرت الثغرة التي تواجدت في هجوم السيتي الذي سلب منه سلاح الهجوم من الجناح الأيمن وسهل المهمة كثيراً على آندي روبرتسون الذي برع في أداء دوره الدفاعي بكل سهولة حيث كان أكثر لاعبي الريدز استخلاصاً للكرات في ثمان مناسبات، نظراً لدخول جوندوجان إلى العمق في معظم أوقات المباراة تاركاً الجانب الأيمن خالياً لظهير ليفربول، وكما وبدا عليه الإرتباك في التمركز والتأقلم على مركزه الجديد.
ومنع تمركز جوندوجان السيء كيفن دي بروين من إيجاد الحلول والإعتماد على تقدم كايل والكر فقط على الجبهة اليمنى الذي فشل في صنع الفارق بمفرده.
بالإضافة إلى الفرنسي لابورت الوافد الجديد الذي أشركه جوارديولا كظهير أيسر، المركز الذي لم يألفه اللاعب الفرنسي لاعتياده على المشاركة كقلب دفاع، وزد على ذلك قلة المساندة الدفاعية التي قدمها ساني مما أضعف موقف لاوبرت كثيراً أمام صلاح والمتألق أليكساندر أرنولد.
وبالرغم من فلسفة بيب إلا أن لابورت نجح إلى حدٍ ما عند بداية اللقاء في التفوق على صلاح في الثنائيات التي جمعت بين اللاعبين على ارض الملعب، إلا أن صلاح برع في استغلال تقدم لابورت محرزاً الهدف الأول.
حيث تمكن المصري صاحب ال25 عام من استغلال الهجمة المرتدة وأحرز الهدف في الدقيقة 12 وسط غفلة وخطأ ساذج من دفاع السيتي في عدم مراقبة صلاح وتركه وحيداً داخل منطقة الجزاء.
منتصف الشوط الأول (تفوق أحمر في وسط الملعب)
واستمرت سيطرة ليفربول على منطقة وسط الملعب ونجح الفريق في عزل دي بروين وفيرناندينهو عن خط المقدمة والوسط الهجومي للسيتي.
ثم جاء الهدف الثاني بعد اللقطة السابقة مباشرة عندما نجح جيمز ميلنر في قطع الكرة وتمريرها إلى تشامبرلين الذي أطلق قذيفة من خارج منطقة الجزاء مستغلاً للمساحة الخالية التي تركها مدافعوا المسيتي أمامه.
ثم ثوالت الأخطاء بعد الهدف الثالث الذي أحرزه ماني برأسه من عرضيه رائعة من صلاح الذي لم يستطع لابورت إيقافه في نهاية المطاف.
الشوط الثاني (عودة الاستحواذ للضيوف ولكن بدون جدوى)
مع بداية الشوط الثاني حاول جوارديولا تدارك أخطاءه بتبادل المراكز بين دي بروين وجوندوجان، لكن لحسن الحظ خرج صلاح مصاباً في الدقيقة 52 لينزل جورجينيو فينالدوم إلى وسط الملعب بدلاً من تشامبرلين الذي انتقل إلى الجناح الأيمن بدلاً من صلاح المصاب، مما أعطى صلابة دفاعية أكثر للرديز نظراً للأدوار الدفاعية التي يتميز بها الثنائي.
بدأ السيتي يعود إلى استحاواذه المحبب شيئاً فشيئاً، ثم قام جوارديولا أخيراً بالتغيير المطلوب بإقحام رحيم ستيرلينج بدلاً من جوندوجان في الدقيقة 57، ليعود دي برونين إلى مركزه المفضل في وسط الملعب ويتولى ستيرلينج مهمة الجناح الأيمن.
وبالرغم من استحواذ السيتي الذي فرضه في الشوط الثاني بنسبة 77% إلا أن الفريق لم يفلح في ترجمه استحواذه إلى أهداف بسبب تفوق الدفاع الأحمر والتمركز الجيد للاعبي يورجن كلوب.
واستمرت محاولات السيتي لكن لم تثمر أهدافاً واكتفي جوارديولا باستحواذه السلبي في الشوط الثاني لتنتهي المباراة بتفوق ليفربول الكاسح.
كيف تفوق كلوب على الفيلسوف الإسباني؟
لا يمكننا أن نغفل الحديث عن بصمة يورجن كلوب التي ظهرت على أداء فريقه واتقانهم لطريقة لعبه التي اتسمت بها الأندية التي دربها الألماني.
المبادرة بالهجوم هى السلاح الذي جعل جوارديولا ضحية مفضلة للألماني صاحب ال50 عاماً، لأنها الطريقة الوحيدة التي قد تمكنك من الفوز على جوارديولا بشرط إمتلاك الجودة في أفراد الفريق، كما حدث أمام موناكو في ربع نهائي الموسم الماضي من نفس المسابقة عندما شهدت المبارتين تسجيل ستة أهداف لكل فريق وفاز موناكو بأفضلية الأهداف خارج أرضه.
مارس لاعبو ليفربول ضغطهم المتقدم منذ بداية المباراة أو ما يعرف بالgegenpressing، الطريقة المحببة للمدرب الألماني في الضغط، التي تعتمد على التقدم في المناطق الأمامية للخصم ومحاولة السيطرة على الكرات المفقودة (second ball) في تلك المناطق.
ومارست كتيبة الريدز هذا الضغط بعرض الملعب عن طريق تضييق المساحة على لاعبي السيتي في جانب من الأجناب لإجبارهم على الخطأ أو الرجوع إلى الخلف.
ونجحت كتيبة يورجن كلوب في إظهار الإلتزام التكتيكي والحضور الذهني الجيد من خلال تمركز لاعبي الوسط الذي ساهم في سيطرتهم على المباراة بشكل كبير، من خلال اعتماد رباعي الدفاع على تشتيت الكرة إلى مناطق السيتي ثم التقدم للأمام للضغط وغلق المساحات.
كما تمكنت كتيبة يورجن كلوب في تفعيل الإنتشار الواسع في جميع أنحاء الملعب بعكس السيتي الذي انحصر في وسط الملعب والجانب الأيسر فقط وعجز عن إيجاد المنافذ في دفاعات الريدز.
من المتوقع أن لا يتكرر هذا النجاح الدفاعي المبهر لليفربول أمام فريق مثل السيتي على ملعبه في مباراة العودة، وليس من الصعب على لاعبي جواردبولا تسجيل ثلاثة أهداف في ملعب الاتحاد ومن المنتظر أن يتدارك بيب أخطاءه الفنية لكن سيظل التحدي الأكبر هو عدم تلقي أهداف من الثلاثي الناري في هجوم الريدز.