تسيُد عرش العالم لسنة سهلًا في عالم كُرة القدم على المنتخبات نوعًا مًا، سنتين أكثر صعوبة، ثلاث سنوات أكثر فأكثر، أربع سنوات يكون أشد صعوبة وهكذا، هذا ما فعلهُ منتخب الماتادور، مصارعي الثيران، لافوريا روخا أوروبا، المنتخب الأسباني لكُرة القدم.
تستمر رحلتنا معكم في 30 يوم حول تاريخ كُرة القدم لنغظي فترة كبيرة من فترات الساحرة المستديرة في أوروبا والعالم; فترة سيطرة الأسبان على الكُرة، عام 2008 إلى عام 2012.
ولكن قبل ذلك سنمر على ظروف جيل 2006 وما حدث معهُ في كأس العالم، إخفاق، إحباط، حزن، هزيمة، قُل ما تقل عزيزي المتابع حول وضع المنتخب الأسباني قبيل الجيل الذهبي.
كأس العالم 2006.. الخروج من الوصيف
حصد الماتادور الأسباني في تصفيات كأس العالم عام 2006 20 نقطة ووقع ثانيًا في تصفيات المجموعة السابعة خلف منتخب صربيا ومونتنيجرو “جمهوربة صربيا وجمهورية الجبل الأسود حاليًا” بـ22 نقطة في مفاجآه كبيرة للأسبان، فاز الماتادور في 5 لقاءات وتعادل في خمس لقاءات ولم تُهزم في آي لقاء بالتصفيات وصعدت إلى ملحق كأس العالم لتلاقي منتخب سلوفاكيا ولكن الماتادور ينتفض ويفوز بنتيجة 6-2 مجموع المبارتين ويتأهل إلى كأس العالم.
وقعت أسبانيا مع مجموعة سهلة نظريًا، أكرانيا وتونس والسعودية، فازت في أول لقاء على أكرنيا الخصم الوحيد في المجموعة بأربعة أهداف مقابل لا شئ، هزمت منتخب تونس 3-1 وهزمت منتخب السعوية 1-0 لتنهى المجموعة بالعلاقة الكاملة تسع نقاط وتضعها القُرعة مع منتخب فرنسا “الوصيف” بدور ثمن النهائي.
دخلت أسبانيا اللقاء وعينها على التأهل ولكنها واجهت جيل رائع من الديوك الفرنسية، بقيادة زيزو زين الدين زيدان، فاز فرنسا على أسبانيا بثلاثة أهداف مقابل هدف.
تقدم ديفيد فيا في الدقيقة الـ28 للأسبان وعاد ريبري في الدقيقة الـ41 لتعديل الكفة للفرنسيين، سجلت فرنسا هدفين قاتلين في الدقائق الأخيرة، حيث سجل باتريك فييرا هدفًا في الدقيقة الـ83 وسجل زيزو هدفًا في الدقيقة الـ93 منهيًا حلم الأسبان في التأهل إلى دور رُبع النهائي وقاضيًا على حلم العجوم أراجونيس برفع الكأس الغالية.
جيل جديد وسيادة أوروبا أول مرة
وتستمر ثقة الاتحاد الأسباني في لويس أراجونيس المدير الفني للمنتخب الأسباني التي كانت في محلها، أسبانيا بطلة لأوروبا للمرة الثانية بتاريخها.
بدأ المنتخب الأسباني تصفيات البطولة وقد فاز في أول مباراة على ليختنشتاين بأربعة أهداف مقابل هدف لا شئ، المباراة الثانية والثالثة هُزم بها، فقام أراجونيس باستبعاد راؤول جونزاليس من قائمة المنتخب، فاز بعدها الأسبان في 8 مباريات وتعادل في لقاء وحيد، لينهي الجموعة بـ28 نقطة في المركز الأول، ويصعد للبطولة ليلاقي كُل من روسيا والسويد واليونان في المجموعة الثالثة.
ظهر عناصر جديدة على المنتخب الأسباني وعدم وجود عناصر مختلفة من اللاعبين الذين شاركوا في بطولة كأس العالم 2006، العناصر الجديدة; أربيلوا، راؤول ألبيول، سانتي كازورلا، ديفيد سيلفا، ماركو سينا.
دخل الأسبان البطولة بثقة كبيرة، فاز الماتادور على منتخب روسيا بأربع أهداف لهدف وحيد، فاز فيا في تلك المباراة بجائزة أفضل لاعب، وفاز مصارعي الثيران بالمباراة الثانية عقب التفوق على السويد بهدفين لهدف، في المباراة الثالثة قام أراجونيس بإشراك البدلاء ورُغم ذلك فاز الأسبان على اليونان “بطلة البطولة السابقة” بهدفين لهدف لتلاقي أسبانيا المنتخب الإيطالي “بطل كأس العالم 2006”.
بدأ المنتخبين اللقاء في غاية الحماسة وهددت أسبانيا المنتخب الإيطالي كثيرًا، وقام كاسياس بحماية عرين الأسبان تارة أُخرى و انتهت المباراة بالتعادل السلبي، ليحسم الأسبان اللقاء بضربات الترجيح “4-2”.
دخلت أسبانيا لقاء نصف النهاية في شبه نُزهة كروية، حيث لعب الأسبان مع المنتخب الروسي، سجل تشافي أول أهداف المنتخب الأسباني في الدقيقة الـ50، ثم أضاف جويزا الهدف الثاني في الدقيقة الـ73 و سجل ديفيد سيلفا هدفًا في الدقيقة الـ82 ليعبر بذلك الأسبان إلى النهائي الحُلم، أمام المنتخب الألماني.
التتويج بعرش أوروبا لمنتخب لاروخا؟ هذا ما كان يحلم بِهِ لويس أراجونيس ليلة الخروج من فرنسا بكأس العالم عام 2006 بكُل تأكيد، أراد رد الإعتبار لشخصهُ قبل كُل شئ، تُوج المدير الفني المخضرم بطلًا لأسبانيا، جُل أسبانيا أحتفلت بهذا الفوز للمرة الثانية بالبطولة، تسديدة توريس و كأنها تخرج من قدم كُل أسباني لتعلن عن التتويج الكبير و إعلان السيطرة الأسبانية على العالم أجمع بعد ذلك وليس أوروبا فقط، جُل العالم.
رحيل أراجونيس وقدوم ديل بوسكي..ماذا تغيير؟
عند الاستماع لحديث جوزيه مورينيو حول مصطلح “الأرث الكروي” تجدهُ صحيح بنسبة 100%، والدليل هو منتخب أسبانيا 2008، حيث رحل لويس أراجونيس عقب نهائي بطولة اليورو 2008 و آتي فيثينتي ديل بوسكي، وكان الاتحاد الأسباني قد تعاقد مع المدرب المخضرم، انتهت البطولة بتتويج الأسبان على غير المتوقع، رحل القدير أراجونيس، لم يرحل الأرث الكروي الخاص به، نفس العناصر، الخطط شبيها ببعضها البعض، أصبح الأسبان أكثر نجاعة على الخصم أكثر فأكثر وأتضح ذلك كثيرًا تصفيات كأس العالم 2010 حيث سجلت أسبانيا 28 هدف في 10 مباريات فقط.
كأس العالم والامتحان الأول لديل بوسكي
صعد ديل بوسكي بالعلامة الكاملة في تصفيات مونديال كأس العالم بجنوب أفريقيا، حيث حصد 30 نقطة من 10 مباريات وقعت أسبانيا في مجموعات كأس العالم مع سويسرا وتشيلسي وهوندوراس.
ظهرت عناصر جديدة لم تشارك مع الماتادور ببطولة اليورو 2008، أبرزهم; بيدرو، خافي مارتينيز، ليورينتي، خيسوس نافاس، خوان ماتا.
دخلت أسبانيا البطولة وقد تفاجئ الجميع بهزيمة بطل أوروبا من منتخب سويسرا بهدف للاشئ، هاجمت الصحافة الأسبانية المنتخب والمدير الفني ديل بوسكي ولكن تداركت أسبانيا أول هزيمة وفازت على منتخب الهوندوراس بنتيجة 2-0 ثم منتخب شيلي العنيد بهدفين لهدف، لتضرب موعد في دور ثمن النهائي مع جارتها البرتغال ويسجل ديفيد فيا هدف التأهل للأسباني في الدقيقة الـ63.
أسبانية بدور رُبع النهائي واجهت خصمًا لم يكن سهلًا وهو البراجواي، الذي فازت عليهِ بهدف وحيد عن طريق نفس اللاعب ديفيد فيا، في الدقيقة الـ83.
ضربت أسبانيا موعد كبير مع المنتخب الألماني في نصف نهائي كأس العالم، ألمانيا كانت لديها رغبة في الانتقام مع أسبانيا بسبب هزيمتها لها بهدف للاشئ بنهائي اليورو عام 2008 بهدف فيرناندو توريس.
تلك المباراة أيضًا انتهت بنفس النتيجة، هدف للاشئ، رأسية من قلب دفاع البرسا حينها كارلوس بويول في الدقيقة الـ73، قامت بانهاء المباراة وحسم التأهل لنهائي أغلى البطولات للمنتخب الأسباني ليلاقي منتخب هولندا الذي فاز على منتخب الأوروجواي بنتيجة 3-2.
دخل الأسباني اللقاء بخطة 4-2-1-2-1، فيما لعب المنتخب الهولندي بخطة 4-2-3-1، هدد منتخب الطواحين الأسباني كثيرًا ولكن لم تأتي المحاولات ثمارُها حتى الدقيقة التسعين، ولعب المنتخبين شوطين أضافيين، نجح الأسبان في استغلال الوقت ةتسجيل هدف قاتل للهولنديين في الدقيقة الـ116 عن طريق أندريس إنييستا.
التتويج بكأس العالم للمرة الأولى في تاريخ الأسبان لم يكن أمرًا عادية بكُل تأكيد، خرج جُل الأسبان للاحتفال بالفوز الكبير، الفوز بكأس العالم للمرة الأولى من مدريد لكاتالونيا، من الباسك للأندلس، العديد من الأرقام سُجلت لمنتخب لاروخا في تلك البطولة، منها أنهُ أول منتخب يتوج بأول بطولة لُعبت في قارة أفريقيا السمراء حيث الجنوب الأفريقي.
يورو 2012..أن تذل الخصم وتفوز بالمتعة
حصد منتخب لاروخا في تصفيات تلك البطولة العلامة الكاملة، 24 نقطة من 8 مباريات سجل بها 26 هدف، وصعد كأول للمجموعة ليلعب مع منتخبات إيطاليا وكرواتيا و إيرلندا.
تعادل الأسباني مع المنتخب الإيطالي في أول اللقاءات بهدف لكل منها ثم واجهت أسبانيا وفازت برباعية للاشئ، و واجهت كرواتيا وفازت عليها بهدف للاشئ.
تصعد أسبانيا بالأداء قبل النتيجة وتلاقي فرنسا لتنتصر عليها بهدفين لتشابي ألونسو في الدقيقة الـ19 و الدقيقة الـ91 وتلعب مع البرتغال في نصف النهائي وتحقق التأهل بركلات الترجيح لتلتقي مع إيطاليا مجددًا التي فازت هى الأُخرى على ألمانيا بهدفين لهدف وحيد.
الرؤية الفنية لمباراة إيطاليا..حقائق و أرقام
لعب المنتخب الأسباني بخطة 4-3-1-2، حيث اعتمد على صعود الظهيرين للمساندة الهجومية، صعد أربيلوا مع عودة تشافي هيرنانديز للتغطية الدفاعية كبديل لهُ، وفي الزاوية الأُخري صعود خوردي ألبا بشكل أكبر من أربيلوا مع عودة تشابي ألونسو بشكل كبير للتغطية الدفاعية كبديل لهُ، دور فابريجاس المحوري سواء في صناعة اللعب للمهاجمين “ديفيد سيلفا و أنييستا” أو المساندة الدفاعية والعودة في حالات الهجمات المرتدة للأسبان، دور سيرجيو بوسكيتس ضروري بشكل كبير في هذا اللقاء، قطع الكُرات ومساندة راموس وبيكيه و صناعة الكُرات الطولية والقصيرة للهجوم أيضًا.
أسبانيا هاجمت تسع مرات على مرمى الطليان فيها هاجمت إيطاليا خمس مرات فقط على مرمى الأسبان، الاستحواذ – كالعادة – لصالح الأسبان حيث كانت نسبتهُ 52% مقابل48% للطليان.
رُغم كُل تلك الأرقام فالأسبان قدموا أداء مُبهر في تلك المباراة، 4 أهداف مقابل لاشئ، مُتعة ما بعدها مُتعة، إحراج للطليان بشكل كبير، كان من الممكن تسجيل أكثر من 4 أهداف بكثير في تلك المباراة ولكن مصراعي الثيران كانوا رُحماء تلك المرة.
https://www.youtube.com/watch?v=lghgZTcy7ds
كأس القارات..البطولة الغائبة
بطولة غائبة عن الأسبان؟ جملة غريبة لجيل ديل بوسكي بكُل تأكيد، ولكن هذا هو الواقع، أسبانيا لم تفوز بكأس القارات عامي 2009 و 2013.
في عام 2009 بجنوب أفريقيا، لعبت أسبانيا بمجموعة سهلة نوعيًا، واجهت فيها جنوب أفريقيا المستضيف و العراق بطل آسيا و نيوزيلندا بطل أوقيانوسيا وخرجت بالعلامة الكاملة من المجموعة، الفوز على نيوزيلندا بخمسة أهداف مقابل لا شئ، ثم الفوز على العراق بهدف للاشئ، والفوز على جنوب أفريقيا بهدفين دون رد أيضًا ومواجهة أمريكا في دور نصف النهائي.
هدفين للأمريكان حسموا التأهل، ألتيدور وديمبسي سجلوا والأسبان خارج كأس القارات بجنوب أفريقيا ومن مَن، منتخب أمريكا!
بطولة 2013 أسبانيا تقع مع منتخبات نيجيريا و الأوروجواي و وبولينزيا الفرنسية، الخروج بالعلامة الكاملة من المجموع أيضًا ومواجهة من؟ الطليان.
أسبانيا تتعادل مع إيطاليا في المباراة لتنتقل المباراة إلى ضربات الجزاء ليبتسم الحظ للأسبان وتفوز أسبانيا بنتيجة 7-6 من ركلات الحظ لتواجة أسبانيا منتخب البرازيل مستضيف البطولة.
هدفين لفريد وهدف لنيمار كانا كافيان لإعلان البرازيل بطلة لكأس القارات للمرة الثانية تواليًا وخروج أسبانيا من الباب الصغير مرة أُخرى في تلك البطولة.
الصحوة الأسبانية وريال مدريد وبرشلونة
يتسأل البعض كيف لمنتخب أن يُسيطر على العالم أجمع لمدة أربع سنوات؟ كيف يحدث هذا؟ الفوز ببطولة اليورو مرتين متتاليتين والفوز بكأس العالم بينهما، هل يُعقل هذا؟ لا يظن البعض ذلك.
السبب وراء ذلك بالتأكيد هو وجود جيل رائع في الأندية الأسبانية وعلى رأسهما ريال مدريد وبرشلونة، حيث تُوج برشلونة بجيل “التيكي تاكا” ببطولة دوري أبطال أوروبا عامي 2009 و 2011 وتُوج ريال مدريد بدوري أبطال أوروبا عام 2014.
تسييد تلك الأندية للبطولة الأقوي في أوروبا جعل من السهل بناء جيل قوي للمنتخب الوطني الأسباني والفوز بالبطولات والتتويج بلقب يورو 2008 و كأس العالم 2010 و يورو 2012 مرة أُخري خاصة في ظل قوي قطبي الكُرة الأسبانية.
ولكن لم يكن برشلونة وريال مدريد وحدهما، أتليتكو مدريد فاز ببطولتي اليوروبا ليج عامي 2010 أمام فولهام و2012 أمام أتليتيك بلباو، الأسباني أيضًا.
خمس بطولات أوروبية في عدة سنوات للأندية الأسبانية كانت كافية بشكل كبير لبناء جيل قوي للأسبان وتتويج لاروخا على عرش العالم أجمع للعديد من السنوات، رُبما لم يحدث هذا إلا قليل.
